((وَلَوْ
أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم
بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم
بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ))[الأعراف _96]
قال الأمام البغوي يعني : المطر من السماء والنبات من الأرض .
وأصل البركة : المواظبة على الشئ ، أي تابعنا عليهم المطر والنبات ورفعنا عنهم القحط والجدب .
و
ذكر الشيخ الطنطاوي فى الوسيط (( ولو أن أهل تلك القرى المهلكة آمنوا بما
جاء به الرسل ، واتقوا ما حرمه الله عليهم ، لآتيناهم بالخير من كل وجه ،
ولوسعنا عليهم الرزق سعة عظيمة ، ولعاشوا حياتهم عيشة رغدة لا يشوبها كدر
، ولا يخالطها خوف))
و لكن إن كذبوا و عصوا الله لعاقبهم الله على ذلك
فمن
أراد من الله أن يرزقه و يبارك له في أهله و ماله فعليه بتقوى الله و
اجتناب معصيته فبيده مفاتيح الرزق و البركة و هو القاهر فوق عباده
عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً فقال : ((يا
غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت
فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن
ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن
يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف
)) .
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
قوله(
احفظ الله تجده تجاهك) أي اعمل له بالطاعة ولا يراك في مخالفته، فإنك تجده
تجاهك في الشدائد كما جرى للثلاثة الذين أصابهم المطر فأووا إلى غار
فانحدرت صخرة فانطبقت عليهم، فقالوا: انظروا ما عملتم من الأعمال الصالحة
فاسألوا الله تعالى بها؛ فإنه ينجيكم؛ فذكر كل واحد منهم سابقة سبقت له مع
ربه، فانحدرت عنهم الصخرة فخرجوا يمشون وقصتهم مشهورة في الصحيح. وقوله
صلى الله عليه وسلم (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله )
أرشده إلى التوكل على مولاه، وأن لا يتخذ إليها سواه، ولا يتعلق بغيره في
جميع أموره ما قل منها وما كثر، وقال الله تعالى ومن يتوكل على الله فهو
حسبه فبقدر ما يركن الشخص إلى غير الله تعالى بطلبه أو بقلبه أو بأمله فقد
أعرض عن ربه بمن لا يضره ولا ينفعه، وكذلك الخوف من غير الله؛ وقد أكد
النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن
ينفعونك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك) وكذلك في الضر، وهذا هو
الإيمان بالقدر، والإيمان به واجب خيره وشره، وإذا تيقن المؤمن هذا، فما
فائدة سؤال غير الله والاستعانة به؟ وقوله (رفعت الأقلام وجفت الصحف) هذا
تأكيد أيضاً لما تقدم: أي لا يكون خلاف ما ذكرت لك بنسخ ولا تبديل، فإنما
الأمور تجري بالمقادير
بقعة ضوء
أبو الدرداء الأنصاري
أبو
الدرداء الانصاري هو عويمر بن مالك الأنصاري الخزرجي، صحابي من الأنصار
يلقب بحكيم الأمة، أسلم يوم بدر، كان تاجرا في المدينة المنورة وهو أحد
الذين جمعوا القرآن على عهد النبي. ولاه معاوية بن أبي سفيان قضاء دمشق
بأمر من عمر بن الخطاب. توفي في الشام قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمَا سنة 32 ه وهو ابن 72 عاما
مما
يروى في قصة إسلامه، أنه كان عنده صنم في داره، وذات يوم دخل عليه عبد
الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة، فشاهدا الصنم فكسراه إلى قطع صغيرة، فبدأ
أبو الدرداء يجمع القطع المتناثرة من أحجار الصنم، وهو يقول للصنم: ويحك!
هلا امتنعت ألا دافعت عن نفسك؟ فقالت زوجته أم الدرداء: لو كان ينفع أو
يدفع عن أحد لدفع عن نفسه ونفعها.
فقال
أبو الدرداء أعدي لي ماءً في المغتسل، ثم قام فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب
إلى النبي ، فنظر إليه ابن رواحة مُقبلا، فقال: يا رسول الله، هذا أبو
الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا. فأخبره رسول الله أن أبا الدرداء
إنما جاء ليسلم، وأن الله وعد رسوله بأن يسلم أبو الدرداء، وبالفعل أعلن
أبو الدرداء إسلامه، فكان من خيرة الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم.
وشهد
أبو الدرداء مع رسول الله ( غزوة أحد وغيرها من المشاهد، وعرف بالعفو
والسماحة، ويحكى أن رجلا قال له ذات مرة قولاً جارحًا، فأعرض عنه أبو
الدرداء ولم يرد عليه، فعلم بذلك عمر بن الخطاب، فغضب وذهب إلى أبي
الدرداء وسأله عما حدث فقال: اللهم غفرانًا، أوكل ما سمعنا منهم نأخذهم به
(أي نعاقبهم ونحاسبهم عليه)؟!
وكان
أبو الدرداء تاجرًا مشهورًا، فلما أسلم تفرغ للعلم والعبادة، و يقول عن
إسلامه رضوان الله عليه أسلمت مع النبى و أنا تاجر ، و أردت ان تجتمع لى
العبادة و التجارة فلم يجتمعا ، فتركت التجارة و أقبلت على العباده ، و ما
يسرنى اليوم أن أبيع و أشترى فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار ، حتى لو يكون
حانوتى على باب المسجد ، ألا إنى لا أقول لكم : ان الله حرم البيع ، و
لكنى أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله . ووصف
بالشجاعة، حتى قيل عنه: نعم الفارس عويمر. وكان ينطق بالحكمة، فقيل عنه:
حكيم الأمة عويمر
وعاش
أبو الدرداء حياة بسيطة يملؤها الزهد والتواضع حتى جاءته ساعة الموت، فقال
عند احتضاره: من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ وكان يقول:
من أكثر ذكر الموت قل فرحه، وقل حسده. وقد توفي في دمشق سنة(32ه) في خلافة
عثمان بن عفان
أنه إذا تعارضت المصالح ، علينا بتقديم الأعلى :
إذا تزاحمت المصالح يُقدم الأعلى، والعكس في المظالم، حيث إذا تزاحمت المفاسد فيقدم الأدنى.
و أنه إذا تعارض ضرران عمل أخفهما :
إذا وجد شيء فيه ضرر وأضر منه، فإننا نقوم بما ضرره أخف إذا كان لابد منه ، وكذلك نأخذ بعالي الفاضلين ولا نخاف.
وقَدِّمِ الْأَعْلَى لَدَى التَّزَاحُمِ فِي صَالِحٍ والعَكْسُ فِي الْمَظَالِمِ
وَادْفَعْ خَفِيفَ الضَّرَرَيْنِ بِالْأَخَفّ وَخُذْ بِعَالِي الفَاضِلَيْنِ لَا تَخَفْ